بقلم الإخصائية مرام الطل، محافظة الخليل – فلسطين
يحدث أحيانا أن تنحرف الفطرة عن قبلتها الصحيحة. فتغدو كلمات الطفل الأولى المنتظرة صامتة أمام أذان صاغية بلهفة وتشوق لسماعها, وهذا كفيل لحث الأهل على مقارنة طفلهم بأقرانه وأقاربه, مقارنات تضع الطفل دائما في الجانب الأضعف.
ان التأخر اللغوي لم يعد حكرا على دولة أو عرق أو جنس, بل أصبح هذا التأخر يغزو قدرات الطفل اللغوية فيجعلها في الحد الأدنى مقارنة بعمره الزمني, وقد يحدث التأخر اللغوي في الجانب الاستيعابي للغة أي في فهم اللغة المناسبة لعمر الطفل, أو في الجانب التعبيري (اللفظي) مما يعيق الطفل من التعبير عن احتياجاته بما يتناسب مع عمره الزمني, وقد يشمل التأخر اللغوي تأخرا في اللغة الاستيعابية والتعبيرية معا.
وترتكز اللغة على أعمدة لها الدور الحيوي في سرعة ومقدار اكتسابها ومن هذه الأعمدة: سلامة الحواس وخاصة حاسة السمع.
البيئة المحفزة المحيطة بالطفل حيث لا يمكن اكتساب اللغة بمعزل عن الآخرين. الاستعداد الفطري لاكتساب اللغة والكلام ويشمل على الاستعداد العقلي أو الذهني الذي يمكن الدماغ من القيام بوظائفه في تعلم اللغة.
وجود خلل في بوصلة الأعمدة المحفزه لاكتساب اللغة يؤدي الى خلل في التطور اللغوي:
انخفاض القدرات العقلية لها دور أساسي في التأخراللغوي بناء على شدة التأخر العقلي.
فقدان أو ضعف في حاسة السمع يؤدي إلى تأخر لغوي يعتمد على نسبة ضعف السمع وزمن حدوثه.
العوامل الوراثية والعصبية: حيث أثبتت الدراسات وجود جينات لها علاقة بالتأخر اللغوي. بالإضافة إلى دور إصابات الدماغ والتشنج في التأخر اللغوي.
الإنعزال البيئي يلعب دور أساسي في التأخر اللغوي. فاللغة مهارة تكتسب من خلال التعرض لها عن كثب. وهنا يظهر جليا دور الأهل في خلق بيئة مشبعة باللغة وإبعاد الطفل قدر الإمكان عن وسائل التكنولوجيا الحديثة لما لها من أثار سلبية على نمو الطفل اللغوي والاجتماعي.
اللغة ليست أداة للتواصل والتعبير عن احتياجاتنا فحسب, بل أداة سحرية تغرز فينا فهم ما يجول حولنا, والمحور الرئيسي لتطور المهارات العقلية والاجتماعية. وحينما يبتعد أطفالنا عن مغناطيس التطور والتواصل يتوجب علينا إشعال إنذارات الخطر واللجوء إلى اختصاصي النطق واللغة لتقديم الخدمات التشخيصية والعلاجية للأطفال, بالإضافة إلى خلق بيئة صحية لغويا, وكلما كان التدخل العلاجي مبكرا كانت إحتمالية ونسبة التحسن أكبر.