بقلم عبدالله زماري
معهد فلسطين لابحاث الامن القومي
السلام من اجل الازدهار، هذا هو العنوان البراق الذي طرحته الادارة الامريكية كعنوان ترويجي للمؤتمر على انه رسالة انسانية تسعى لاحلال “سلام” في منطقة الشرق الاوسط من خلال بوابة الاقتصاد، حيث ان السلام والازدهار هما مطلبان انسانيان يسعى لتحقيقهما البشر كافراد وجماعات، هذا المؤتمر الذي رفضته منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية وكل الفصائل الفلسطينية، واعلنت مقاطعته، اضافة لاعلان عدة فواعل اقليمية ودولية مقاطعته بعد الاعلان عنه مباشرة، هذا المؤتمر يحمل اهداف معلنة واخرى مخفية، والمعلنة تتعلق بالجوانب الاقتصادية وجلب الاستثمارات “وسلام اقتصادي” حسب رؤية حكومة الاحتلال، والمخفية سيكون على رأسها مزيد من “إشهار” تزاوج المصالح والتطبيع بين دولة الاحتلال وبعض الدول العربية، خاصة حلف الخليج الثلاثي، كما تعزيز الجهود التي تبذل لمواجهة ايران “العدو الاخطر” على دول المنطقة كما يروج هذا الحلف ومعه امريكا ودولة الاحتلال، باعتقادي المتواضع ان الاهم هو الاهداف المخفية، فمسألة الاقتصاد والمشاريع الاقتصادية هي رهينة بالامان، فرأس المال الجبان يستقر حيث يشعر بالامان خاصة بالاستثمارات طويلة الأمد، بمعنى ان الاستثمار مضمون بأي وقت توفر فيه الأمان.
نترك الاهداف الخفية جانباً، كما نترك مواقف الاطراف المختلفة، وربما نناقشها لاحقا، ولنناقش لماذا يجب على كل فلسطيني مسؤول ووطني مقاطعة مؤتمر البحرين بل ومحاربته ايضاً، فإذا نجح المؤتمرون بتحقيق الاهداف المعلنة فإن ما سيحصل سيكون اقرب الى التالي:
1- تعزيز تشجيع الاستثمار في الأراضي الفلسطينية، سيعني بالضرورة فوائد اقتصادية كبيرة لدولة الاحتلال وللولايات المتحدة على حد سواء، حيث أنه وفي حال نجاحه وتنفيذ رؤية نتنياهو للسلام الإقتصادي سوف يقود إلى أنشاء مشاريع اقتصادية ومناطق صناعية مشتركة بين الفلسطينيين و” الاسرائيليين” وقد تضم الاردن ومصر، هذه المناطق والمشاريع ستجنى معظم ثمارها دولة الاحتلال كونها المسيطر على الارض والمياه والمعابر وتمتلك القدرات الإقتصادية والتصنيعية والتكنولوجية الأكبر، حيث
أ- تكون لمنتجات المشاريع المشتركة، أفضلية اقتصادية في اسواق الخليج العربي. وهو امر سيمتد تاثيره إلى أوروبا والصين بحيث ستقل حصتها من الأسواق الخليجية.
ب- وهو ما يعني جواز سفر لتدفق منتجات الاحتلال إلى الاسواق الخليجية بشكل علني، خاصة منتجات الهاي تيك، والماس، ومنتجات الأمن الالكتروني وأنظمة المراقبة، وهي امور تبرع فيها دولة الاحتلال عالمياً.
ت- فوائد اخرى تجنيها دولة الاحتلال من خلال سيطرتها على المعابر والاجواء ووسائل النقل، حيث ستتدفق إلى المنطقة رؤوس اموال ضخمة معظمها خليجي من أجل الاستثمار في السلام الإقتصادي.
ث- إضعاف حركة BDS عالميا من خلال مشاريع مشتركة بين الاحتلال والفلسطينيين من جأنب، ومن الجانب الاخر مشاركة دول عربية رئيسية في المشاريع الإقتصادية والتطبيع واستهلاك منتجات الاحتلال حيث ستشكل اسواق دولٍ عربية بديلا لاسواق عالمية، نجحت او قد تنجح بها حركة المقاطعة العالمية.
ج- الفوائد التي سيجنيها الفلسطينيين لن تتعدى رفد هذه المشاريع بالعمال والعاملين في مستويات القرار الدنيا، فالقرارات العليا من نصيب رأس المال والخبرة، وفي المشاريع الصناعية الكبرى لن تكون خبرة رجال اعمالنا منافسة لخبرة رجال اعمال الاحتلال وشركاته الصناعية، ذلك ان معظم اثريائنا، يكدسون ثروتهم من خلال قطاع الخدمات، او التجارة، او حتى التصنيع الاستهلاكي، خاصة الاغذية.
2- سوف لن تخرج الولايات المتحدة دون مكاسب كبيرة (خاصة بالجانب الإقتصادي) اضافة للجانب السياسي، فهي سوف تحوز اموالا هائلة من خلال دفع دول الخليج لنفقات الحماية والتواجد العسكري الأمريكي في الخليج لمواجهة الخطر الإيراني وهو أمر ليس جديد لكنه سيجد روافد اكبر له بعد أنشاء الحلف المذكور سالفا، فهو حلف بين سلاح ومال، السلاح من الولايات المتحدة ودولة الاحتلال والمال من دول الخليج طبعا. اضافة إلى مكاسب اخرى تتعلق بمواجهة الوجود الروسي والمد الصيني، بل وحتى التقليل من تأثير اي دور أوروبي في المنطقة (سياسيا واقتصاديا)
عبدالله زماري
معهد فلسطين لابحاث الامن القومي