خان الخليلي.
الكاتب، نجيب محفوظ.
رواية تدق أبواب مصر، فتفتح الأبواب على حضارة وتاريخ في الأسواق والمقاهي والزقاق الملتفة، لا يفهمها الا من عاش فيها حياة الألفة بين الناس، يطل أحمد عاكف الموظف البسيط في الاربعين من العمر على هذا الحي مع والديه، هربا من آثار الحرب التي خلفتها الغارات في حي السكاكيني، ورغم أن الوضع ليس افضل بكثير في خان الخليلي حيث صفارات الانذار بين يوم وآخر تدعو الناس للاختباء، لكنه أفضل نوعا ما من بيتهم القديم أو هكذا كانوا يعتقدون.
في الحي الجديد يتعرف احمد عاكف الذي وصل الثانوية فقط ولم يتم تعليمه الجامعي، على اصدقاء جدد في المقهى يتبادل معهم الحديث يوميا عن أهوال الحرب أو الأوضاع الاجتماعية لكل منهم، وتقع الأحداث في سنة 1942، ومنهم من يتبادل لعب الزهرة، إلى أن تنتهي السهرة ليكملوها لدى واحد منهم وزوجته التي تقوم على خدمتهم ، ويشربون الجوزة في سهرتهم، فيحاول المعلم نونو مرارا دعوة احمد عاكف إلى هناك إلا أنه يرفض.
تحتل نوال جارة احمد جزءا من القصة والتي احبها احمد وتواصل معها بالعينين فقط خلال شهر رمضان، ينتظر المغرب ليحيها من شباك غرفته فترد له التحية، إلى أن أتى نهار العيد محملا بتباشيره، ومحملا بمصروفاته ايضا، لتستقبل العائلة اخوه رشدي القادم من اسيوط، ليقضي نهار العيد لديهم وقد حمل في رسالته خبرا سارا وهو أنه انتقل إلى القاهرة نهائيا.
هنا تبدأ حياة احمد عاكف بالانقلاب، فرحته بقدوم أخيه وفرحة والده والدته، تنغصها الايام التالية والشهور اللاحقة، حيث يحب رشدي نوال وتقع غرفته بجانب غرفتها، فتتخلى عن حب الرجل الاربعيني، لحب أخيه الصغير صاحب العشرينات من العمر فهي ما تزال مراهقة في السادسة عشرة، فيتخلى احمد عن حبه لأخيه ويكره نوال في قلبه، لانه اعتقد انها أعطته الامل بالتحية التي كانت تتبادلها معه.
ويا لحسرة العائلة، وبعد أن يصبح رشدي صديقا لعائلة نوال يعطي الدروس لها ولاخيها، وتتوطد علاقته بهم، يكتشف إصابته بمرض السل، كان رشدي شابا مستهترا بصحته ونصحه اخوه مرارا أن يتوقف عن السهر واللعب حتى الفجر، لكنه دائم الاصرار على قراراته، وكان لابد من إيداعه المصحة، والتي كان يتردد بينها وبين البيت، هكذا حتى توفاه الله، وقررت العائلة ترك خان الخليلي وذكرياته المؤلمة.
القصة تحمل الكثير من المشاعر الإنسانية، ايثار الأخ لأخيه على نفسه، وترك نوال مضطرة لرشدي خوفا من العدوى بضغط من اهلها، ورحيل الأحبة، والحرب التي كانت تتخلل ذلك كله وتضفي جوا مخيفا على العامة، وتداخل القصص الخاصة بالعامة كأنه يعطي نوعا من المواساة والازر لاهل رشدي المتوفى، واحداث كثيرة امتزج فيها الالم العام بالخاص، وتخللتها الضحكات والمعاناة، كان الرواية وجه من وجوه الحياة، بل إنها احتوت كل وجوهها.