أرجوك لا تتأقلم
عُلا حسن الكحلوت، غـزّة. فلسطين
صدق الشاعر الفلسطيني محمود درويش حينما قال: “أكبر تنازل تقدمه في حياتك هو أن تتأقلم!”؛ لذلك كان عنوان المقال بالرجاء لك عزيزي القارئ بعدم التأقلم مع الأوضاع الغير طبيعية، نحن المواطنون المغلوب على أمرهم تنازلنا كثيرًا عن أبسط حقوقنا، حتى باتت حياتنا لا تنطبق أصلًا بمفهوم و مغزى الحياة الطبيعية !!
كم مرة سكتنا فيها على الأوضاع الراهنة هُنا في هذه البقعة الجغرافية، لا أريد تحديد أي بقعة، لأن أغلب بقاع الوطن العربي تحت الحضيض، و محتاج لشبابه أن يعمروه بالحُب و العمل و الأمل!! شبابٌ بعمر الورد، أبسط مطالبهم وظيفة و تكوين أسرة، و لكنهم تفاجؤوا بصعوبة مطالبهم فهاجروا من بلادهم، ومن لم يهاجر بعد، ما زال يفكر بالهجرة، و من لم يرغب بالهجرة يقرر الانتحار أو أن يمضي حياته متخبطًا طارقًا كل الأبواب على أمل أن تُفرج و تضحك الحياة له، لست هُنا بكاتبة متشائمة، و لكني قررت أن أكتب عن واقعٍ واقع…!!
فنحن لم نعد نمارس السياسة، حينما تأقلمنا على فكرة المناكفات بين الأحزاب و انقسامها، حينما استسلمنا لفكرة غياب الانتخابات، و تهميشنا في صناعة القرار و التأثير على صناع القرار، أصبحنا فقط نتلقى القرار و ننفذه و بداخلنا ألف تساؤل ولكننا قررنا الصمت، فتأقلمنا..!!
لا يختلف الأمر كثيرًا في حياتنا العادية، فنحن نعيش في أوضاع غير عادية، كهرباء تأتي و تقطع وفق جدول منظم، حتى بتنا نحفظه جيدًا متى موعدها صباحًا أو مساءًا، فلجأ البعض منا إلى شراء الكهرباء من أصحاب المولدات الضخمة، و البعض الأكبر يضيء “بالليدات”، الخطأ الأول منا أننا تأقلمنا…!!
حتى الطرق العامة، لا تعرف أين تمشي، الرصيف غير معروف أمخصص لمشي المارة عليه، أم أهو تابع للمحال التجارية، أم كراج و موقف للسيارات، و لا يخفى علينا وضع الشوارع في فصل الشتاء، و كارثة العشوائية في الأسواق الشعبية، و حجم القمامات فيها، أصبحنا نبحث عن مصادر الرزق دون أدنى شعور بحس المسؤولية المجتمعية، بأن هذه الشوراع و الطرق ليست لك وحدك فقط، نحن تنازلنا كثيرًا، و نحن فقط من نتحمل عواقب إهمالنا و عبثيتنا في الحياة، لذلك أعود و أكرر بأن لا تتأقلم، قم و غير هذا الواقع لمستقبل مشرق..!!