بقلم
زياد مشهور المبسلط
كاتب وشاعر وباحث ومستشار إعلامي فلسطيني
تنص المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1947 م : ” لا يحق لسلطة الاحتلال نقــــل مواطنيها إلى الأراضي التي احتلتها ، أو القيام بأي إجراء يؤدي إلى التغييـــر الديمـــوغرافي فيها “.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ؛ فقد بلغ عدد المستوطنين بالضفة الغربية 671 ألف مستوطن ، منهم 311 ألف في القدس ؛ أي ما يقارب 50% من إجمالي العدد ، وهذا له تداعياته الجيوسياسية والديموغرافية الخطيرة على مستقبل الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية ، وهذا لم يأت محض صدفة ، بل خطة منهجية مدروسة ؛ والاستيطان رأس حربتها .
ولا بد من التنويه أيضا ً لتعمد سلطات الاحتلال نقل المصانع للمستوطنات للتخلص من نفاياتها الخطرة التي تحدث تلوثا ً بيئيا ً ، وتتسبب بالكثير من الأمراض ؛ وأهمها مرض السرطان . كما أنها تستخدم أكثر من خمسين موقعا ً فلسطينيا ً لدفن تلك النفايات الخطرة فيها ..!
وعلى ضوء ذلك ، ووفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة المشار إليها ، واستنادا لكافة قرارات الشرعية الدولية بهذا الشأن ، وأمام هذا السرطان الزاحف بوتيرة سريعة مبتلعا ً الأرض الفلسطينية ومقتلعا ً أصحابها الشرعيين ومقطّعاً أوصال الدولة الفلسطينية وضارباً بالقرارات الدولية عرض الحائط ، فمن حقنا كفلسطينيين رفض ومقاومة الاحتلال وإجراءاته العدوانية؛ ومنها الاستيطان وتبعاته وآثاره الخطرة على أبناء شعبنا وأرضنا ومواردنا الطبيعية.
ولمواجهة هذه الهجمة الاستيطانيــــة الشرسة ، وفي سبيل المشاركة بالتصدي لها ومقاومتها برؤية متميزة وآليات تنفيذية على الأرض ، أطلق رجل الأعمال الفلسطيني بشار المصري مبادرة ” عالأرض ” لتكون إحدى الروافع الفلسطينية للعمل على مواجهة النشاط الاستيطاني الإسرائيلي المتسارع في وتيرته، ووقف ظواهره العدوانية الخطرة على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والصحية والتعليمية والبيئية والإنتاجية ؛ وما يتخلل ذلك من طرد وتهجير وقتل وجرح واعتقال ومصـــــادرة الأراضي وهـــــدم البيوت وحجز المواشي وفرض غرامات عليها ..الخ . كما تسعى المبادرة لتعزيز ثقافة الوعي بخطورة الاستيطان .
ولتحقيق رؤيتها ورسالتها الوطنية واقعا ً ملموساً على الأرض ، فقد فتحت الباب على مصراعيه أمام الأفراد والمؤسسات لرفدها بأفكار إبداعية خلاقة تطرح حلولاً من شأنها المساهمة في التصـــــدي والمواجهة والمقاومـة لهذا هذا الانتشار والتغلغل والزحف الاستيطاني اللاشرعي ؛ حيث أن الأفكار التي تختارها لجنة التحكيم الخاصة بالمبادرة ستحصل على دعم مالي ومهني ولوجيستي تتراوح قيمته من ألف – نصف مليون شيقل .
وضمن رؤيتها ؛ فإنها ترحب بالأفكار التي تطرح مبادرات بيئية ، اقتصادية ، قانونية ، تكنولوجية ، إعلامية ، اجتماعية ، إبداعية ، إضافة لأفكار كفيلة بحماية أراضينا الزراعية ومواردنا الطبيعية ؛ فعلى سبيل المثال ، تدعو ” عالأرض ” لتقديم فكرة ناجعة كحل لمواجهة المياه العادمة التي يتم تصريفها من المستوطنات في أراضي الضفة الغربية ؛ خاصة الزراعية منها ، حيث تبلغ كمية هذه المياه ( 40) مليون م3 سنويا ً .
ومن الجدير بالذكر، أنه وبالتعاون مع البلدية – فإن السيد بشار المصري يعتزم تطبيق مبادرة “عالأرض ” بمسافر يطا في محافظة الخليل .
واستناداً لخبرتي في مجال صياغة أهداف و مبادئ وأدبيات ورسائل ورؤى وآليات إطلاق المبادرات ومتابعة تنفيذها وتقييم وتصويب الأداء وفق تغذية راجعة Feedback ، وكذلك تحديد الشرائح المستهدفة ؛ اقترح على الأخوة القائمين على مبادرة ” عالأرض ” بعض التصورات والتوصيات ؛ من ضمنها مايلي :
تأسيس وحدة متابعة ورصد وتقييم وتصويب لمراحل تنفيذ كل فكرة معتمدة من خلال متخصصين ؛ وخاصة فيما يتعلق بالسقف الزمني الافتراضي ومراحل الخطة التنفيذية والعوائق والعراقيل التي تواجهها والعمل على دراستها وتذليلها . وتشمل مهام هذه الوحدة أيضا معالجة ما يظهر من فرق مادي بين الميزانية المعتمدة وما يطرأ من احتياجات مالية خلال عملية التنفيذ .
إطلاق وحدة إنتاج إعلامي صوتي مصور بمادة فلمية منهجية توثيقية تحليلية بعيدة عن السردية والخطابية والإنشائية باللغتين العربية والإنجليزية ؛ إضافة لمداخلات ولقاءات المسئولين والمختصين بالشأن الاستيطاني من النواحي القانونية والبحثية والوثائقية والإعلامية والصحية والبيئية والنفسية والاقتصادية وما في حكم ذلك . كما تقوم هذه الوحدة بعرض إخباري يومي عن كافة المستجدات الخاصة بالاستيطان .
تأسيس وتعزيز علاقات تشابكيه تشاركيه مع الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة وكافة وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية والدولية بهدف خلـــــق ” شبكة مواجهة ” متعددة الأطراف والتخصصات والمجالات .
فتح وتعزيز قناة اتصال وتواصل مع المؤسسات الحقوقية والإنسانية العربية والدولية والمتضامنين الأجانب – من أفراد ومؤسسات – المناهضين للاستيطان والمشاركين بفعاليات المقاومة الشعبية بهدف تعزيز ” شبكة المواجهة ” .
الاتصال والتواصل مع المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة وثيقة الصلة بالآثار السلبية الناتجة عن الممارسات العدوانية الإحتلالية الاستيطانية ؛ ومن ضمنها منظمة الصحة العالمية WHO، منظمة الأغذية والزراعة FAO، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة UNESCO ، منظمة الأمم المتحدة للطفولة UNICEF ، وغيرها من المنظمات ذات العلاقة لتكون شريكا ومراقبا ً وداعما ً على الأرض وفي المحافل الدولية .
التنسيق لإطلاق ” بث فضائي موحـّد ” لتعميم رسالة ورؤية وفعاليات المبادرة ومستجدات حراكها على الأرض .
تعزيز ثقافة الوعي بمخاطر الاستيطان وضرورة المشاركة بمواجهته من خلال ندوات ومحاضرات وأحاديث تلفزيونية وعبر كافة وسائل الإعلام ؛ ومن ضمنها مواقع التواصل الاجتماعي .
وفي النهاية ، نرفع القبعة لكل فكرة ومبادرة تسعى لمواجهة ومقاومة الاحتلال ومن ضمنه الاستيطان . التحية كل التحية لصاحب مبادرة ” عالأرض ” السيد بشار المصري ، ونأمل أن تحقق هذه المبادرة رسالتها ورؤيتها بواقع ملموس على الأرض.