مجزرة الحرم الإبراهيمي .. الجرح الذي لا يلتئم
سالي علاوي، الخليل – فلسطين
من الصعب أن تخرج مجزرة الحرم الإبراهيمي من الذاكرة الفلسطينية وعلى الأقل من ذاكرة من عاشوا أحداثها، حيث لم تزل أحداثها ماثلة للعيان، لقد كانت مجزرة رهيبة خطط لها ونفذت بدقة متناهية.
يواصل الاحتلال الإسرائيلي فصول مجزرته بحق الفلسطينيين في الخليل والحرم الإبراهيمي منذ احتلال المدينة عام 1967، وكانت مجزرة الحرم عام 1994 الفصل الأبشع في سلسلة جرائمه الإرهابية.
المجزرة التي ارتكبها مستوطن صهيوني عام 1994 واُستشهد فيها نحو 29 مصلياً داخل الحرم الإبراهيمي، وأصيب العشرات، ومن يومها استغلت سلطات الاحتلال الحادث لتقسيم الحرم بين المسلمين واليهود، وممارسة سياسات التهويد والاستيطان بمدينة الخليل ومحيطها.
توالت الاعتداءات على المسجد الإبراهيمي، وأغلقت البلدية القديمة في محيطه، وأغلق شارع الشهداء الذي يعتبر الشريان الرئيسي وعصب الحياة للفلسطينيين، ما أدى لإغلاق 1800 محل تجاري بالبلدة القديمة، كما منع رفع الأذان في الحرم عشرات المرات شهريا، وفصلت مدينة الخليل وبلدتها القديمة عن محيطها.
وكانت المجزرة بداية مخطط الاحتلال لتنفيذ تطهير عرقي للفصل والعزل وتشريد الفلسطينيين من البلدة القديمة لبناء “مدينة الخليل اليهودية” إذ تعطلت حياة الفلسطينيين بالأزقة بعدما قررت حكومة الاحتلال إغلاق البلدة القديمة بشوارعها وأسواقها، وتقسيم الحرم بين المسلمين واليهود.
ووظف الاحتلال “اتفاقية الخليل” المبرمة مع السلطة الفلسطينية عام 1997 لتعميق الاستيطان بالبلدة القديمة التي يسكنها نحو 40 ألف فلسطيني، وهي المصنفة بـ”H2″ وتقع تحت سيطرة إسرائيل الأمنية، ويحتلها كذلك نحو 35 ألف اسرائيلي موزعين على 27 مستوطنة وعشرات البؤر الاستيطانية والعسكرية بالبلدة القديمة ومحيط محافظة الخليل.
وتمضي سلطات الاحتلال قدما في سلسلة إجراءات تهويدية للمسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل، آخر حلقاتها المصادقة النهائية على مشروع يسهل اقتحام المستوطنين للمسجد.
وما يحدث الآن في الخليل يعتبر سلسلة طويلة من الخروقات للقانون الدولي من جانب الكيان الصهيوني، فالخليل تقع تحت نيران الاحتلال العسكري والمستوطنين والتقسيم والانتهاكات اليومية لأحيائها وأسواقها وطمس وسرقة معالمها الأثرية والتاريخية والدينية وتقييد لحرية الحركة الدينية لمواطنيها و اعتداءات قطعان المستوطنين التي لا تنتهي بشتى الطرق والأساليب القذرة بحق مواطني خليل الرحمن.