بقلم: نداء مقبل
هل تختلف المرأة الفلسطينية باحتفاليتها بهذا اليوم عن باقي نساء العالم؟ إذ يأتي هذا اليوم كاحتفالية للدلالة على الاحترام العام وتقدير وحب المرأة لإنجازاتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. هل يحق أن يكون هذا اليوم دعوة الى الاحتفال بالمرأة الفلسطينية تحديدا؟ أم هو يأتي تأكيداً على حقوقها؟ أم التذكير بوجوب احترامها؟ هل هذه الاحتفالية الموسمية تأتي حكرا لها؟ وتتويجها بالورود أو اغداقها ببطاقات التهنئة لما خاضت في حياتها وعلى مختلف الأصعدة؟ أليس من الأجدى أن تتوج المرأة الفلسطينة كسيدة للأرض أي في العالم أجمع؟
في التذكير في أصل “الثامن من آذار” أي اليوم العالمي للمرأة؛ فقد تم الاحتفال باليوم العالمي للمرأة لأول مرة في 8 آذار 1909 في أميركا وكان يعرف باليوم القومي للمرأة في الولايات المتحدة الأميركية؛ بعد أن عيّن الحزب الاشتراكي الأميركي هذا اليوم في العام 1856 للاحتفال بالمرأة تذكيرا بمجزرة العام 1908 بالولايات المتحدة؛ عندما قام أحد اصحاب مصانع النسيج بإغلاق ابواب المصنع على النساء العاملات، وأحرق المصنع بكامله بسبب إضرابهن عن العمل داخل المصنع من اجل تحسين اجورهن ما أدى الى وفاة كل النساء العاملات (129 عاملة). تلك التظاهرات التي ألقت بظلالها على دفع المسؤولين الى الاهتمام بمشاكل المرأة العاملة ومحاولة ايجاد حلول لها تباعا.
وفي سنة 1945 خصص يوم الثامن من آذار كعيد عالمي للمرأة عقب عقد اول مؤتمر نسائي للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في باريس. وبعد سنوات عديدة وافقت منظمة الأمم المتحدة على تبني تلك االاحتفالية وتحديدا في عام 1977 عندما اصدرت المنظمة الدولية قرارا يدعو العالم الى اعتماد يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من آذار، وتحول بالتالي ذلك اليوم الى رمز لنضال المرأة يُحتفل بها ويعبر عن تقديرها، وتخرج فيه النساء عبر العالم في مظاهــــرات للمطالبة بحقوقهن ومطالبهن.
وفي تسليط الضوء على المرأة الفلسطينية؛ فهي تختلف برأيي عن نساء بقاع الأرض أجمع؛ فهي تتصف بالعطاء والتضحية وبتلك القوة الجبارة التي تقبع في أعماقها وتساندها للمضي قدما وبفخر وجَلد وصبر رهيبين، وقد لعبت وما زالت تلعب أدوارا كثيرة ومختلفة في واقعها وفي داخل نفسها بشكل متزامن في الأسرة الواحدة وفي مواقع عملها وفي مجتمعها ، ونشأت وتربت على الأنفة وحب المواجهة والثقة بالنفس، وبأنها سيدة جميلة جدابة كاملة الأنوثة وبالرغم من عنفونها، وبأنها هي القادرة على الاستمرار والمجابهة والعناد والتحدي والاصرار على المطالبة والنضال من أجل نيل حقوقها المختلفة.
وهي التي خاضت تجارب وتحديات كثيرة وعلى مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقانونية ومنذ نعومة أظفارها؛ لم تكل أو تملً ؛ فقد توارثت هذه الصفات من جدات جداتها وعبر الأجيال المختلفة، ومن فطرتها وغريزتها كإمرأة تحافظ على ممتلكاتها الخاصة وعلى عائلتها وحقوقها الانسانية المتعددة وبقوة؛ وقد عملت صمدت جابهت تعلمت صبرت وحققت العديد من الانتصارات والانجازات في ميادين الحياة المختلفة والصعبة أحيانا، وعملت جنبا الى جنب مع الرجل الفلسطيني العصامي وأكملت مسيرته في كثير من المواقع. وأثبتت جدارتها بالرغم من كل الظروف التي تعيشها وتعتاشها وتمر بها وبشكل يومي، وعلى مر سنين خلت.
وإن كان هناك بعض الاخفاقات أو الضغوطات أو التقاعصات أو الانتقاصات أو الاهمال في حقوقها أو تجاهل دورها أو مكانتها؛ الا أن هناك الكثير الكثير من النجاحات والروايات والقصص الواقعية والمشاهدات اليومية التي وإن لم تخط بالأقلام تحفظها الذاكرة، ولا تمحوها أبدا، ولا يُقبل نكرانها، وقد لا تتسع الأوراق كلماتاً حولها.
وفي نهاية حديثي؛ أهنىء كل إمرأة فلسطينية أصيلة في الثامن من آذار وفي كل يوم؛ وأقول لها: كل عام وأنتِ بألف خير، وكل عام وأنت معطاءة، وأنتِ جبارة وقوية قادرة على أن تحقق سلامها الداخلي، قادرة على انتزاع حقوقها بلا كللٍ أو ملل. كل عام وأنت قادرة على الصمود؛ صبورة، أنثى حنونة ومحبة في بيتها ولأسرتها ومجتمعها، أيوقونة عطاء كما أنتِ، متعلمة، مثقفة. وإن لم تحققي بعض هذه الأمور ولأي ظرف ما؛ فلا ضير. فأنتِ هي المرأة الفلسطينية التي تتسم بكل هذه الصفات والجمال المعنوي والروحي ويشهد لك التاريخ بذلك، وقد علمّك التاريخ ذلك أيضا، أنتِ تستحقين؛ نعم تستحقي أن تكوني سيدة ليس فلسطين فحسب بل سيدة الأرض، ولكِ أيتها المرأة الفلسطينية تحية إكبار وإجلال.