بقلم حنين خليفة ، طالبة دكتوراه في الخدمة الاجتماعية والصحة العقلية، مقيمة في ولاية ماريلاند، الولايات المتحدة الأمريكية
تاريخيا، كان العنف الاسري و العنف ضد النساء والفتيات في فلسطين أسوأ بكثير بحيث ان الاحتلال هدف دائما الى تدمير المجتمع و عمل مبدأ فرق تسد. ولم يتم التعامل مع هذه المشكلة بشكل جيد قبل ظهور السلطة الفلسطينية. بحيث ان الاستجابة و الحلول بدأت بالظهور الى العيان بعد عام 1993.
تحاول الحكومة الفلسطينية التعامل مع هذه القضية، لكنها تحتاج إلى موارد ضخمة وميزانية قد لا تكون لديها و لانها مازالت تعتمد على المساعدات الخارجية والمجتمع الدولي.
قلقي هو بشأن سلامة النساء والفتيات، وأعتقد أن العنف المنزلي والعنف قد ازداد بشكل كبير منذ جائت ازمة جائحة كورونا. ومع ذلك، فإن العنف الاسري مازال مشكلة حقيقية و لغاية الان لا يتم التعامل معه كأولوية عالية و بشكل علني كسياسة حكومية و سياسة للمؤسسات الشعبية و الجماهيرية.
ومما يثير القلق أنه على الرغم من الأعداد المتزايدة من الإساءة أو العنف وحتى حوادث الوفاة بين النساء العربيات والمسلمات، فإن الاستجابة المؤسسية لا تزال ليست في المكان الذي ينبغي أن تكون فيه.
يمكن للمرء أن يتساءل عما إذا كان هذا يرجع إلى أن معظم الدول العربية والإسلامية تعتبر العنف الأسري مسألة خاصة وعادة ما تكون استجابة مبررة لسوء السلوك من جانب المرأة؟
وفي حين أن العنف المنزلي مدان علنا، إلا أنه مخفي ويعتبره الكثيرون مسألة خاصة، بمن فيهم الضحايا والشرطة وأخصائيو الرعاية الصحية ومنظمات حقوق الإنسان العاملة في الشرق الأوسط.
ولذلك، فإن الرد لا يتطابق مع إدانتهم. مرة أخرى، يميل المجتمع إلى النظر إلى هذه القضية على أنها مشكلة خاصة وشخصية وعائلية بدلا من كونها مشكلة اجتماعية وجنائية تتطلب التدخل
هذا لا يتعلق فقط بالحقوق الأساسية والسلامة، بل هو أيضا قضية صحية أيضا! ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يشكل العنف ضد المرأة شاغلا صحيا رئيسيا، لأن العنف ضد المرأة يشكل مصدر قلق صحي كبير.
حلمي وأملي هو نشر الوعي بهذه القضية المستمرة مع تطبيع الوصول إلى رعاية الصحة العقلية لجميع أفراد المجتمع وليس فقط النساء والفتيات.
من المؤسف و المحزن عدم توجه الكثير من النساء إلى الحصول على الرعاية الصحية العقلية بسبب الحفاظ على شرف الأسرة وسمعتها العائلية والخوف من وصمة العار وعزلها عن أسرهم ومجتمعاتهم
أميل إلى الاعتقاد بأنه كلما زاد عدد النساء اللواتي يتمتعن بالشجاعة للبحث عن موارد تعالج صحتهم العقلية والبدنية سيساعد ذلك في الحد من تعنيفهم داخل المنزل، و كلما توفرت الاحصائيات و البيانات التي يمكننا جمعها واستخدامها لإيجاد حلول تساعد النساء و الفتيات على العيش بأمان اكثر.
وتشمل الخدمات التي نطمح الى توفيرها بشكل اوسع البيوت الآمنة، وخط المساعدة و التدخل السريع وقت الأزمات، والعلاج النفسي، والخدمات التعليمية، وغيرها من الخدمات التي من شأنها تعزيز وزيادة الامان و الراحة النفسية للضحية.
منذ عام 2007، ضغطت جماعات حقوق المرأة الفلسطينية من أجل سن قانون شامل للعنف الأسري، ومع ذلك لم نتمكن بعد من وضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون لحماية المرأة الفلسطينية.
على الرغم من مراجعة مشروع قانون في عام 2018، إلا أنه لم يتم تمريره وحتى يحدث ذلك، ستقع المزيد من النساء ضحية للعنف الاسري. يجب ألا ننسى أسماء الضحايا الذين سرق منهم العنف الاسري أرواحهم، وأن ندافع عن الحقوق القانونية لجميع النساء وحمايتهن.
من المسلم به أن هناك مشاكل وتعقيدات أكبر في الحالة الفلسطينية حالت دون تحقيق النتيجة المرجوة من انهاء قانون العنف الأسري، ولكن يجب أن نستمر في الضغط من أجل وضع اللمسات الأخيرة على القانون وتنفيذه.
أدعو المجتمع الدولي والجهات المانحة بما في ذلك المنظمات غير الحكومية إلى تقديم الدعم للمنظمات الفلسطينية وإلى الحكومة لتشجيع المزيد من العمل في هذا الاتجاه لمساعدة النساء والفتيات الفلسطينيات وضمان سلامتهم و امنهم و راحتهم من أجل تحقيق أهدافنا.
وأخيرا، أود أن أشكر القادة الفلسطينيين الذين يعملون بلا كلل لتحسين حياة النساء والفتيات. وأتوجه بخالص الشكر إلى سيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس والى حكومته و وزرائها بقيادة الدكتور محمد اشتية.
كما أتقدم بخالص الشكر والامتنان إلى رئيس تحرير مجلة الشأن الفلسطيني السيد كايد عمر غياظة الذي شجعني دائما على الدفاع عن حقوق الآخرين. و قد استمع إلى جميع أفكاري بغض النظر عن حجمها الكبير على مدى السنوات الماضية. اقول له شكرا لك على صداقتك
يجب أن أعرب ايضا عن خالص حبي واحترامي لوالدي و والدتي، منتهى جودة زيدان (من بلدة بير نبالا) و وائل محمود خليفة (من بلدة الجيب) الذين علموني أن أكون ألافضل و أن أكون مدافعا عن الناس الأكثر ضعفا واضطهادا. لقد ضحوا بحياتهم من أجلي ومن اجل اخوتي و عانوا من الغربة، وأعدكم دائما بالاعتناء بكما لاخر عمري.
شكرا لإخوتي الأصغر سنا، صابرين ومهند أيضا. أنا أحبكم على حد سواء وسأكون دائما في جانبكم.