بقلم الدكتورة دانييلا القرعان
كوكب الأرض”المستفيد الأول”من جائحة كورونا.
حالة الإغلاق العام الذي شهده العالم والعديد من الدول على سطح المعمورة إثر تفشي جائحة فيروس كورونا جعلنا نرى سماء الدنيا صافية.
من الملاحظ في الأمر أن بمرور أشهر قليلة على ظهور المرض المستجد فيروس كورونا، ذلك المخلوق الصغير جدا والذي يُكاد أن يُرى بالمجهر الدقيق جداً، أدخل العالم في حالة من الرعب والارباك.
هذا المخلوق الصغير “فيروس كورونا” دفع العديد من دول العالم لعزل نفسها بشكل كامل، وكذلك إغلاق حدودها، وتخصيص مليارات الدولارات لمواجهته والقضاء عليه ومنع انتشاره، كما جعل هذا المخلوق الصغير البشرية بكل أطيافها العرقية والأيديوليوجية، وبغظ النظر عن اختلاف الأديان والشرائع السماوية جعلها جميعها تتفق على ملاحقته للفتك به، بعد أن أضر وفتك بأرواح آلاف البشر.
“لا مستفيد من هذه الجائحة اللعينة حسب منظور دول العالم”، من الواضح وكما يبدو لنا من ردود الأفعال العالمية تجاه الفيروس أنه لا مستفيد من هذه الجائحة اللعينة أحد، بل على العكس تسبب بركود اقتصادي عالمي، وأوقف أعمال البورصة وأسواق المال العالمية، وأغلق الحدود والمطارات، وأيضا دفع المواطنين في الدول المنكوبة والمتضررة لإجتياح الأسواق بهدف التخزين، وكأن العالم مقبل على النهاية، وكأنهم مقبلون على مجاعة شديدة.
“كوكب الأرض المستفيد الأول من هذه الجائحة”، من زاوية أخرى وعلى أية حال في خضم هذه الأحداث، هنالك من نظر للأمر على أنه هنالك مستفيد من هذا الوباء العالمي.. ألا وهو كوكب الارض.
لا شكّ ومن المعروف عالمياً أن تلوث الهواء من المشكلات التي تواجه المدن الكبرى في العالم، وكان العامل الأكبر الذي ساهم به هو أنشطة بشرية عديدة منها النشاط الصناعي وحركة مرور المركبات الكثيفة.
وبحسب تقرير قامت به “سي إن إن” الأمريكية، فإن إغلاق المصانع وخلو الشوارع في بعض البلدان بسبب كورونا، واختفاء وانعزال الناس أدى ذلك إلى جعل حركة الحيوانات بكل أطيافها سهلة وآمنه سواء في الغابات او الحيوانات البحرية بكافة أنواعها في البحار و المحيطات، كل ذلك جعل من كوكب الأرض المستفيد الأول.
“استطعنا أن نرى السماء صافية”، أن حالة الإغلاق العام الذي شهدته العديد من دول العالم إثر تفشي كورونا جعلنا ان نرى السماء صافية، وكذلك الصين في المقابل والتي تعد بؤرة تفشي وانتشار فيروس كورونا، والتي كان يعرف عن بعض مدنها بأنها من أكثر المدن تلوثاً في العالم، أعلنت في تقرير سابق لها أن معدل الأيام التي كان فيها الهواء نظيفاً زاد نسبته 21.5% في فبراير/شباط مقارنة بالفترة نفسها في العالم الماضي، وكما أظهرت صور الأقمار الصناعية التي أصدرتها ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية انخفاضاً حاداً في انبعاثات الغازات السامة التي تطلقها السيارات ومحطات الطاقة والمنشآت الصناعية في مدن صناعية كبرى بين يناير وفبراير، وذلك بعد انتشار كورونا ،وبحسب تلك الصور اختفت تقريبا السحابات المرئية من الغازات السامة التي عادة تحوم فوق المنشآت الصناعية، وأشارت شبكة سي إن إن أن ذلك يعود إلى توقف العديد من المصانع عن الإنتاج، فضلاً عن تقيّد حركات النقل منعاً لإنتشار الفيروس.
لا بدَّ من الإشارة هنا الى أن العديد من دول العالم أعلنت عن إجراءات تقيّد حرية الحركة للمواطنين ومنع التجمعات وإلغاء فعاليات عديدة، ومنها من اغلقت أماكن الترفيه كمقاهي الإنترنت والحدائق العامة؛ وذلك للحد من انتشار الفيروس، لذلك يرى خبراء ان تلك الخطوات المتبعة للحد من كورونا هو عامل أساسي يساهم في تنظيف الهواء ميكانيكياً، وبالتالي يمكن القول أن هنالك تأثيراً إيجابيا لكورونا.
يشار أن فيروس كورونا ظهر للمرة الأولى في مدينة ووهان الصينية وسط الصين في 12 ديسمبر/كانون الأول 2019،اي صباح الثلاثاء أصاب الفيروس قرابة 83 ألفاً في 162 دولة وإقليما، توفي منهم إلى ذلك التاريخ أكثر من 7 آلاف أغلبهم في الصين وأمريكا وإيطاليا وإيران وإسبانيا وكوريا الجنوبية وألمانيا وفرنسا، وفي 11 مارس/آذار الماضي صنفت منظمة الصحة العالمية كورونا “جائحة” وهو مصطلح علمي للدلالة على أنه أكثر شدة واتساعاً من الوباء العالمي، والذي يدل إلى الإنتشار العالمي للفيروس وليس انحصاره في دولة واحدة، لذلك رُبَّ ضارة نافعة وكما هنالك جانب سلبي هنالك أيضاً جانب إيجابي، فكوكب الأرض هو المستفيد الأول من جائحة كورونا.
الدكتورة دانييلا القرعان