بقلم الدكتورة دانييلا القرعان، عمان – الاردن
ذكرى “يوم الأرض” هل توقفت إسرائيل عن مصادرة الأرض الفلسطينية؟
في شهر آذار في سنة الانتفاضة، قالت لنا الأرض أسرارها الدموية. في شهر آذار مرت امام البنفسج والبندقية خمس بنات. وقفن على باب مدرسة ابتدائية، واشعلن مع الورد والزعتر البلدي، افتتحن نشيد التراب، دخلن العناق النهائي. آذار يأتي الى الأرض من باطن الأرض يأتي، ومن رقصة الفتيات، البنفسج مال قليلا لعبر صوت البنات، العصافير مدت مناقيرها في اتجاه النشيد وقلبي. أنا الأرض والأرض انت.
نحتفل مع أهل فلسطين بيوم الأرض الفلسطيني 30 مارس، والذي يعود سبب الاحتفال به لما حدث في مارس 1976 بعد أن قامت السلطات الصهيونية بمصادرة أراضي فلسطينية ذات ملكية خاصة أو المشاع في نطاق حدود مناطق ذات أغلبية سكانية فلسطينية، وقد عم إضراب عام ومسيرات من الجليل الى النقب واندلعت مواجهات أسفرت عن سقوط ستة فلسطينيين وأصيب وأعتقل المئات، الذكرى ال 45 ليوم الأرض الذي جاء بعد هبة الجماهير العربية داخل أراضي 1948، ضد الاستيلاء على الأراضي، والاقتلاع، والتهويد التي انتهجتها إسرائيل، وتمخض عن هذه الهبة ذكرى تاريخية سميت ب ” يوم الأرض”.
في ذكرى ” يوم الأرض ” هل بقيت أرض لإقامة دولة فلسطينية؟ وهل توقفت إسرائيل عن مصادرة الأرض الفلسطينية؟ يعتبر يوم الأرض حدثا محوريا في الصراع على الأرض، وفي علاقة المواطنين العرب بالجسم السياسي الصهيوني حيث أن هذه المرة الأولى التي ينظم فيها العرب في فلسطين منذ عام 1948 احتجاجات ردا على السياسات الصهيونية بصفة جماعية وطنية فلسطينية.
أما بالنسبة لما تتعرض له الأراضي الفلسطينية المحتلة هو ليس بالذكرى، بل لا زال واقعا معاشا ومتواصلا ويتكرر في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، من حيث ما تتعرض له القدس المحتلة من يوم الذكرى والى الآن من عمليات تهويد وتهجير وقمع وأسر الكثير من الشبان الفلسطينيين وتغيير لمعالمها واستهداف لمقدساتها، واستكمال فصلها عن محيطها الفلسطيني، تعميق وتوسيع المستعمرات وبناء المزيد من البؤر العشوائية، وشق شبكة طرق واسعة النطاق لربط المستوطنات ببعضها ببعض وتحويلها الى مجمع استيطاني واحد وضخم مرتبط بالعمق الإسرائيلي، بما يسهل حركة المستوطنين، ويشجع الأزواج الشابة الإسرائيلية على الاستيطان والسكن في الضفة الغربية المحتلة.
إن هذه الذكرى تأتي هذا العام في وقت تشهد فيه الأراضي الفلسطينية انتهاكات ممنهجة لقواعد القانون الدولي، وسط استمرار قوات الاحتلال في مصادرة العديد من الأراضي في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية؛ بغية توسعة المستوطنات وإقامة وحدات سكنية جديدة بداخلها، وهدم وتجريف المنازل وممتلكات الفلسطينيين، وتحصين جدار الضم، وعزل العديد من المنازل والقرى عن بعضها البعض، فضلا عن حرمان الفلسطينيين من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاستيلاء على ثوراتهم ومقدراتهم.
” علامة فارقة ” يعتبر يوم الأرض أبرز الأيام النضالية التي خاضها فلسطينيو 48 بل هو علامة فارقة في تاريخهم منذ نكبة 1948 من ناحية مسيرة بقائهم وانتمائهم وهويتهم ومجمل علاقاتهم بإسرائيل وبأشفائهم الفلسطينيين والعرب، ورغم قيام السلطات الإسرائيلية بأعمال التهجير والتطهير بقي في أراضي 48 نحو 150000 فلسطيني امتلكوا نحو مليوني دونم سرعان ما فرضت عليهم المواطنة الإسرائيلية وبطاقات الهوية بيد ان ذلك لم يقيهم شر عمليات متواصلة من السطو المسلح على أراضيهم بلغت ذروتها في مطلع 1976.
أنا الأرض والأرض أنت خديجة، لا تغلقي الباب لا تدخلي في الغياب سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل سنطردهم من هواء الجليل. على هذه الأرض ما يستحق الحياة، على هذه الأرض سيدة الأرض أم البدايات أم النهايات تسمى فلسطين صارت تسمى فلسطين.