الثلوج نعمة أم ماذا؟ رسالة لمحبي الصيف!!
بقلم: الاستاذة نداء مقبل
عندما تتساقط الثلوج نشعر بالبهجة والطمأنينة لما يضفيه فينا، بحلته البيضاء، من شعور بالحنين الى كل شي جميل؛ وخاصة لأيام الطفولة؛ وما يأتي في أذهاننا من ذكريات وحنين إلى سنين مضت من عمرنا، وقلوب افتقدناها، وذكريات قد نسيناها مع زحمة الحياة، لذا يأتي الثلج ليضيء جانبا جميلا ودافئا فينا وليبث دافعية ورغبة قوية لدينا في الاستمتاع به وبالمناظر الطبيعية الجميلة ، كما يمدنا بالطاقة الايجابية والأمل؛ وبالرغم من برودة الجو؛ إذ تعتبر فترة الثلوج والمكوث بالبيت فترة جيدة تُحسن نفسيتنا جميعا، وتعمل على التفريغ النفسي وتخفف أي ضغط أو توتر أو هموم قد يُعاني منها البعض. لا شك أن تساقط الثلوج نعمة كبيرة من الله تعالى وفيه منافع كثيرة للبشر والحيوان والنبات وكل كائن حي.
كما أن فترة الثلوج، مع قصرها في فلسطين، تعمل على تنمية العلاقات المجتمعية والأسرية وقضاء وقت نوعي في البيت؛ والسؤال عن الأصدقاء والمقربين ومحادثتهم للإطمئنان عليهم، فالسعادة تأتي بأبسط الأمور، كما تُمكن المرء من الاهتمام بأموره الخاصة؛ وبالتحديد تلك التي كان يؤجلها بسبب انشغاله بعمله والروتين اليومي ومتابعة المتطلبات الحياتية. وهذه الفترة أيضا هي فرصة جيدة للطلبة الذين يدرسوا بعيدا عن أماكن سكناهم؛ حين يرجعوا اليها ويقضون وقتا طيبا مع أسرهم، ويستطيعوا التركيز بشكل أكبر على دروسهم في فترة الامتحانات. وأيضا فرصة جيدة للعاملين خارج مدنهم ويضطرون للمبيت بعيدا؛ لقضاء وقت نوعي مع أهلهم.
ومن ناحية أخرى، فإن تساقط الثلوج يحمل في طياته ابتلاء من الله تعالى؛ هذا الابتلاء لكل من الفقراء والأغنياء ولكافة شرائح المجتمع أيضا؛ فالنسبة للأسر العفيفة التي تعاني من نقص من الموارد والاحتياجات الضرورية للتدفئة والعيش الكريم فهذا ابتلاء لهم احتسابه عند الله تعالى “ورزقكم في السماء وما توعدون”؛ أما بالنسبة للأغنياء والفئات القادرة على العطاء؛ فهو امتحان وابتلاء لهم أيضا من الله عز وجل، فما عليهم الا السؤال عن الأسر المحتاجة والبحث عنها والتبرع لها وإعطائها بعض ما رزقهم الله من الأموال، وبعض ما يستطيعون توفيره من مستلزمات ضرورية من أغذية ووسائل تدفئة ولباس شتوي؛ فإن الله سبحانه سيخلف عليهم بالخير كله: “الراحمون يرحمهم الرحمن”.
وهنا أشير الى طرق بسيطة نستطيع التركيز عليها في فترة الثلوج والمكوث في البيت بحيث تساعدنا على التفريغ النفسي والتخفيف من توتر الحياة الاعتيادية بهدف الحصول على صفاء ذهني وهدوءاً نفسياً وشعوراً بالطمأنينة؛ وذلك عبر الآتي: الجلوس خلف النافذة الزجاجية للنظر والتأمل بجمال الطبيعة والتركيز على شجرة أو زهرة أو أي شيء آخر مادي مغطى بالثلج ومنظره جميل. أيضا ملامسة حفنة صغيرة من الثلج بدون لبس قفازات مع استخدام عبارات ايجابية أو التسبيح أو العد الفردي من 1-9. المشي خارج البيت بمسافة كافية قدر المستطاع مع أخذ احتياطات السلامة ولبس الملابس الدافئة. التعرض قليلا لتساقط حبيبات الثلج عند الهطول. ممارسة نشاط رياضي معتدل كإزالة الثلج من مدخل البيت والممرات. الوقوف على الثلج لفترة بسيطة لا تتعدى النصف دقيقة وأخذ شهيق وزفير كل ثانية. مشاركة أفراد الأسرة اللعب برمي كرات الثلج غير المرصوصة والنظيفة. التقاط الصور التذكارية مع الثلج بوضعيات مختلفة ومسلية. جمع كمية صغيرة من الثلج لعمل الشاي أو القهوة ومشاركة أفراد الأسرة في تناولها مع بعض الحلوى الصحية.
وأخيراً، أشير الى أن الشعور بالبرد لفترة قصيرة؛ يخفف أيضا من التوتر والطاقة السلبية والتفريغ النفسي للانسان، كما أضيف بأن للبرد والمطر والثلج رونقا خاصا وصورا ربانية فائقة الجمال، ودلالات معنوية تنقي النفس وتطهرها وتغسل الخطايا والذنوب؛ كما في الحديث الشريف: “اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد”.
ولمحبي الصيف أقول تفائلوا وتذكروا أن هطول الثلج هو بداية فصل الصيف وهو بداية النور، فدائما نشتاق في الشتاء للدفىء وفي الصيف نشتاق لنسمة هواء باردة، وهذه هي الطبيعة البشرية فينا؛ نشتاق الى كل ما يغيب عنّا. ونشكر الله على نعمة الثلج فهو رزق من عنده، وتواضعا من سماءه.