البساطة أم الحداثة
بقلم سماح عبد الهادي، نابلس – فلسطين
تنطلق آراء كثيرة حول جمالية الماضي وبهاءه بينما يتغنى آخرون بالحاضر وتقدمه، وبين هذا وذاك يبقى الإبداع وتسهيل حياة الناس وبث السعادة في نفوسهم القاسم المشترك، فكل يرى الماضي بنظرته وكل يرى الحاضر بنظرته، وما يعنينا هنا أن نفند الأمر بتحليل منطقي أو أقرب ما يكون إلى المنطق لأن الإنسان عبارة عن مشاعر يتخللها العقل وعبارة عن عقل يتخلله المشاعر، وإن أردنا النظر زاوية التقدم التكنولوجي والطبي والعلمي لرأينا العالم في تقدم سريع لا يمكن إنكاره ولاشك أن هذا التقدم تسبب في تسهيل حياة الناس والتسريع في تنفيذ معاملاتهم ولكنه من ناحية أخرى تسبب في مزيد من الفراغ الذي لابد من ملئه بأمور أخرى تحل محل الأعمال التي كانت تأخذ وقتا لتنفيذها، فترى أن ربة المنزل لم تعد تحتاج للاستيقاظ مبكرا لتقوم بشؤون المنزل فهناك أجهزة وأدوات تقوم مكانها بالعمل أو جزء منه، وترى الناس يذهبون بالمواصلات أو سياراتهم الخاصة ويعودون سريعا وهذا الوقت الكبير الذي كان يذهب في الطريق مشيا أصبح فارغا.
نرى أن صعوبة الحصول على الأشياء قد تتسبب في شعور خفي بالمتعة للوصول إليها وتحقيقها أما سهولة القيام بالأمور والوصول إليها تخلق الاطمئنان والراحة والزهد فيها، إذا إن موضوع التقدم لايرتبط دائما بالسعادة بل يرتبط بالراحة وليس ضروريا أن تتسبب الراحة بالسعادة وهذا طبعا ليس حتميا عند الجميع ولكنه تفسير لمشاعر من يتغنى بالماضي رغم صعوبته والتأخر الحاصل في بعض جوانبه.
كما نرى أن تسهيل الحياة من جانب أخر سبب تراجعا في الاهتمام بالرياضة والصحة البدنية، أو حتى استخدام اليد في الكتابة، ونرى أنه رغم التقدم الطبي ترافق معه مزيد من الأمراض نتيجة الجلوس الطويل وعدم استخدام بعض أجزاء الجسم وتحريكها، بينما كان الإنسان في السابق صيدلية متنقلة لأن طبيعة حياته من حركة ورياضة وزراعة وبذل الجهد كانت تقيه أمراض الفقرات والعظام وغيرها، وبالتالي نرى أن لكل شيء من التقدم أو التأخر جوانب متعددة في التأثير على صحة الإنسان وفكره وعقله وقد ذكرنا في هذا المقال جوانب محددة وهناك العديد من الجوانب التي يمكن الحديث عنها وأمثلة متعددة تحتاج لاستفاضة في إلقاء الضوء عليها.
وعلينا في النهاية إدراك ما هو إيجابي ومناسب لنا والتعامل معه وأن نتجه ناحية المناسب من الماضي مثل الحركة والرياضة ونحو الحاضر من التقدم المفيد الذي يسهل الحياة كالتكنولوجيا والتقدم الطبي والعلمي المثمر