بقلم: سري القدوة
لم تكن العلاقات الفلسطينية الاردنية مجرد علاقة بين شعبين او دولتين بل كانت وعبر التاريخ، هي علاقة مصير مشترك وحضارة واحدة عمدت بدماء الشهداء، وصيغت بأسس قائمة علي المبادئ الراسخة التي اسسها الاجداد لتمتد عبر الاجيال ولتشكل نموذجا اساسيا لصياغة المستقبل الواعد بين الشعبين، وإن الأردن بالنسبة للشعب الفلسطيني هي حضارة التاريخ وهي بوابة فلسطين وعمقها التاريخي والعمق العربي النابض، وجسور المحبة والتواصل العربي، وان العلاقات الاردنية الفلسطينية هي علاقات تاريخية ثابتة بالتاريخ والجغرافيا، وهذا يدفعنا الي ضرورة الاعتماد الكلي علي تحديد اولويات العمل الوطني من اجل ايجاد وبناء الاستراتجية الوطنية والاقتصادية وبناء المؤسسات الفلسطينية والاستفادة من التجارب الاردنية في شتى المجالات العلمية والطبية والأكاديمية والإعلامية والقانونية، وتحديد استراتجية الاستقلال الوطني والاقتصادي عن الاحتلال، والاعتماد الكلي علي دعم المؤسسات الاردنية والخبرات العربية ووضع الخطط والبرامج الكفيلة في النهوض بمجالات التنمية المستدامة ما بين فلسطين والأردن والعمل على اقامة مشاريع استراتيجية في مجال الطاقة والاتصالات والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتعاون في شتى المجالات العلمية والإعلامية والسياسة ومجال العلوم الشرطية.
ان العلاقات الثنائية بين الأردن وفلسطين هي علاقات تاريخية عميقة جاءت تأكيدا علي رسالة الملك عبد الله الثاني والرئيس محمود عباس، ومواقف الأردن الثابت من القضية الفلسطينية وسعيها لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، من خلال اقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، وعاصمتها القدس وضمان عودة اللاجئين، وان الاردن كانت وستبقي تعمل علي تقديم كافة أشكال الدعم للشعب الفلسطيني لتعزيز صموده وخاصة في القدس أمام الاجراءات الاسرائيلية كما ان المواقف التاريخية للأردن الشقيق واضحة ومعبرة عن رفضه لأي مساومة او مشروع أو صفقة أو حل اقتصادي يكون بديلا عن الحل السياسي .
ان المرحلة الراهنة تدفعنا الي العمل ضمن الاتفاقيات الموقعة بين البلدين وبروتوكولات التعاون الاساسية وضرورة تفعيل وتطوير عمل اللجنة العليا الأردنية الفلسطينية المشتركة والتي وقعت العديد من الاتفاقيات، حيث كان اولها اتفاق تجاري عام 1995م وتم توقيعيه مباشرة بعد تشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية، ومن ثم تم التوقيع علي العديد من الاتفاقيات الهامة بين البلدين خلال الفترة 1995-2010م، وتأتي اليوم زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه الي الاردن من اجل تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية والبدء باتخاذ الخطوات العملية لإعلان الاستقلال الاقتصادي، والاتفاق مع الأردن للربط الجمركي على المعابر وتشجيع الاستيراد عبر موانئها، وبالتالي لا بد من تفعيل الاتفاقيات وتطويرها بعيدا عن الاحتلال الاسرائيلي، الذي يقف عائقا حقيقيا امام تطوير العلاقات بين الشعبين وصياغة اسس للمستقبل تكون كفيلة في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني ومواجه خطط الاحتلال ومشاريع التصفية وما يعرف بصفقة القرن الامريكية ووضع حد للحصار المالي الذي تفرضه سلطات الاحتلال علي القيادة والشعب الفلسطيني.
اننا بحاجة ماسة للعمل علي البدا الفوري بالتطبيق الفعلي لبرنامج إقامة المنطقة التجارية الحرة وتشجيع الاستثمار، وتطوير المشاريع الاقتصادية والانطلاق لإقامة مركز التجارة الفلسطيني الاردني، وتفعيل بروتوكول التعاون في مجال الاتفاقيات مع منظمة التجارة العالمية.
ان هذا العمل المشترك بين الاردن وفلسطين هو عمل راسخ وفاعل ومهم وان تجسيد هذه العلاقات التاريخية بين الشعبين يتطلب الانطلاق الفورى لتطبيق رؤية القيادة بين البلدين وتعزيز صمود ابناء الشعب الفلسطيني وأهمية إيجاد السبل الكفيلة بتعزيز وتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والسياسية بين فلسطين والأردن ووضع التصورات المستقبلية والتي من شئنها رفع مستوى التعاون الاقتصادي والتنسيق بين البلدين، وانعكاس ذلك علي مستوى العمل العربي، وأهمية مشاركة القطاع الخاص والقطاع العام وتحملهم المسؤولية في رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين .
ان العلاقة الصادقة والتاريخية بين الاردن وفلسطين لم تكن مجرد حبر علي ورق بل كانت عبر التاريخ، هي تجسيد حقيقي لحماية الشعب الفلسطيني وتمثيله ضمن المؤسسات الاردنية للحفاظ علي الهوية الفلسطينية والسعي للاستقلال الاقتصادي عن الاحتلال، والعمل علي بناء المؤسسات الفلسطينية القادرة علي حماية المشروع الوطني ووضع استراتيجية لتحقيق آمال وطموحات الشعبين، على طريق تحقيق الوحدة والتكامل العربي الشامل.
ان الاردن وفلسطين يقفان معا جنبا الي جنب وبمواقفهما الرسمي والشعبي حيث يرفضان ما تسمى صفقة القرن، وتفرعاتها ومحاولات فرض هذه الخطة على الشعب الفلسطيني والدول العربية، مؤكدتان دوما وفي كل المواقف بان التمسك الكامل بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وعلى ضرورة التنسيق المشترك والتحرك على الصعيد الدولي من أجل خلق لوبي عربي لكسب الرأي العام العالمي لصالح القضية الفلسطينية، وحقوق الشعب الفلسطيني، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.
إننا بحاجة ماسة للعمل علي رسم خارطة طريق ( فلسطينية – اردنية ) لبناء استراتيجية شاملة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الامريكية برئاسة ترامب، وإسقاط مشاريعهم التصفوية والتصدي لكل محاولات تمرير ما يسمى بصفقة القرن، واتخاذ خطوات عربية فورية لمواجهة القرارات والانتهاكات الاسرائيلية المدعومة أميركيا بصورة سافرة وغير مسبوقة، والتي اصبحت تشكل خطورة على مجمل الاوضاع العربية والقضية الفلسطينية، وان هذا الامر يتطلب اولا ضرورة الاستقلال الاقتصادي والوطني، والبدء فعليا ببناء المؤسسات الاقتصادية المبنية علي العمل المشترك بين الشعبين من اجل الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال، وان عمق العلاقات التاريخية التي تربط بين فلسطين والأردن، وما يجمع بينهما، من قواسم مشتركة كثيرة، تؤكد دوما علي اهمية الدعم الكبير الذي تقدمه المملكة بقيادة الملك عبد الله الثاني لفلسطين في مختلف المحافل والمجالات، من أجل نيل الحرية وإنجاز الاستقلال الوطني.
سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
سري القدوةرئيس تحرير جريدة الصباح http://www.alsbah.net