.أجنحة مكسورة وتعصب لا يرحم: “العنف ضد المرأة”
(تماضر طمبوره – مراسلة مجلة الشأن الفلسطيني، غزة)
أبرحها ضربًا فأرداها قتيلة, مراهقة في مقتبل العمر من مدينة رفح جنوب قطاع غزة فقدت حياتها بعد تعرضها للضرب الشديد والتعنيف على يد والدها بحجة أنه يريد تربيتها فكان مصيرها أن تلتف بثوبها الأبيض بجسد أزرق مصبوغ بألوان العصبية يعتريها الغضب والجهل.
حالات يعجز القلم عن التعبير عنها ووصفها لحجم بشاعتها, وقصص يصعب على العقل تخيلها فعندما نسمع قصة امرأة أو فتاة أو طفلة تعرضت للعنف الجسدي أو النفسي أو الجنسي لمجرد كونها أنثى ضعيفة أو كما يُشار إليها بأنها “مكسورة الجناح” نُصاب بالصدمة لهول تلك الجرائم.
وفي مشهد ليس ببعيد تهجم ابنٌ أردني بالضرب المبرح على والدته امام الناس جميعا، أمه العجوز السبعينية التي تعبت وشقيت حتى رأته شابا، لم يشفع لها أن انهدّ عودها ونحَل جسدها من كثرة الولادات الشاقة وتربية الابناء وخدمتهم، لكن عقوقه وفساد أخلاقه دفعه لإلحاق الأذى بها على مرأى الخلائق لأنها أنثى ضعيفة لا حول لها ولا قوة.
وتُعرّف الأمم المتحدة العنف الممارس ضد المرأة بأنّه “أيّ فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجّح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحيـــــة الجسديــة أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمـــــان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة “.
ويشير موقع هيئة الأمم المتحدة للمرأة إلى أنّ 37% من النساء في العالم العربي تعرّضن لعنف جسدي أو جنسي لمرّة واحدة في حياتهن على الأقلّ.
ويُرجع المحامي مؤمن الناطور من غزة أسباب هذا النوع من العنف إلى ضعف المرأة وعدم مطالبتها لحقها وكذلك تدهور الأساليب التعليمية والتربوية والتنشئة المجتمعية وضغوطات الحياة المتمثلة بالأزمات الاقتصادية الصعبة.
ويردف قوله بأن المجتمع بحاجة إلى إجباره على أساليب حياتية و تربوية تُناسبه وتضمن الحياة الصحيحة و السلامة العقلية و النفسية و الجسدية للابن أو البنت في الأسرة على حدٍ سواء.
ويضيف الناطور بأن هناك مسببات أخرى متعلقة بالرجل نفسه فمنهم من يضرب زوجته مثلا لسبب الغيرة وحب التملك والأمراض النفسية التي يعاني منها بعض الأزواج.
ويرى الناطور بأن الحد من العنف ضد المرأة يبدأ من رفضها له والمطالبة بحقوقها أمام القضاء وعدم الخوف من “الفضيحة” حينما تتعرض للعنف وعدم الصمت والخضوع لآراء الآخرين.
ومنذ انتشار وباء كورونا، أظهرت البيانات والإحصاءات أن كل أشكال العنف ضد النساء والبنات، خاصة العنف المنزلي، اشتدت في ما وُصف بأنه (جائحة الظل).
من جانبها تُبين الحقوقية والمختصة في شؤون الأسرة د.خلود إمام أن الاختيار الصحيح للأزواج يكفل عدم حدوث العنف الأسري بشكل عام سواء ضد المرأة أو الأطفال.
وتضيف د.خلود أن توعية المجتمع ضرورية ومطلوبة من كل المؤسسات المجتمعية والتربوية كالمدارس والجامعات ووسائل الإعلام التي لها الدور الأبرز في معالجة ظاهرة العنف ضد المرأة.
وتؤكد د.خلود أن حل المشكلات الأسرية يجب أن تكون بعيدة عن العنف من خلال معرفة الأسباب الأساسية وحلها وأيضا معرفة مسببات العنف والابتعاد عنها وإزالتها وامتصاص غضب الرجل وهذا منوط بالزوجة من خلال التفاهم والتعامل بهدوء مع أي سلوك سلبي أو حدث أو مشكلة.
ومن الجدير ذكره أن يوم 25 نوفمبر من كل عام يعتبر اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، ففي 17 ديسمبر 1999 عدت الجمعية العامة للأمم المتحدة 25 نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة (القرار 54/134)، حيث دعت الأمم المتحدة الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات الغير حكومية لتنظيم نشاطات ترفع من وعي الناس حول مدى حجم المشكلة في هذه الاحتفالية الدولية.