بقلم سماح عبد الهادي، نابلس – فلسطين
إن الناس الملهمين هم نتيجة لمحيط ملهم أو مثبط وقامع، وكثيرا ما نسمع عن أطفال مدللين لم يحققوا شيئا في حياتهم بل ساهم الاهتمام الزائد بتراجعهم وارتخائهم وهدر طاقاتهم، وفي الوقت ذاته نجد القسوة والظروف المحيطة المثبطة ساهمت في أمراض نفسية وعنف وأثرت في حياة الأطفال سلبا.
وقد يحدث العكس في كلا الصعيدين وهو أن يساهم الاهتمام والدفء الأسري والمجتمعي الذي يحيط بالفرد منذ طفولته في صقل مهاراته وانطلاقته في عالم العلم أو الفن أو التميز في أي مجال من مجالات الإبداع وكذلك على صعيد الصعوبات أو القسوة فقد تولد رد فعل عكسي يثبت الفرد من خلاله ذاته ويحقق طموحاته أملا في إنهاء الوضع القائم وتحديا لكل من راهنوا على فشله، وعلينا أن نبحث سبب حدوث الأمرين وكيف يحقق السلوك نفسه سواء كان سلوكا سلبيا أو إيجابيا في حياة الفرد ومعه نتائج مختلفة، هل الأمر مكتسب أم فطري أم له علاقة بذات الفرد أو محيطاته الأخرى إن صح التعبير؟؟؟
لا شك أن لكل إنسان محيطات مختلفة، محيط أسري ، محيط من الأصدقاء ، محيط من الأقارب، محيط من المعارف، ومحيط من الزملاء ومحيط من المجتمع في كل مكان يتواجد فيه، وكلما اتسعت محيطات الفرد استطاع أن يدرك أن العالم له زوايا مختلفة وجوانب متعددة فينظر للأمور من زوايا أوسع تختلف عن نظرته الضيقة عندما كانت محيطاته قليلة قد لا تتجاوز الأهل أو المدرسة، ولا ننسى الكتب أيضا والتي تعد الفارق الذي يميز حتى بين الأطفال الذين لا يتعاملون الا مع محيطات ضيقة نظرا لصغر سنهم وخوف الأهل عليهم من الخروج وحدهم ليتعايشوا مع محيطات أوسع من العلاقات، فيشكل الكتاب والقراءة الفارق في تكوين عقلية كل منهم وتوسيع مداركه فترى البعض ورغم صعوبات حياته قد حقق العلامات التامة لأنه وجد الدعم اللازم والتفاؤل النفسي الذي يحتاجه في هذه المرحلة، وليس فقط العلامات بل الابداع في أي مجال وترى طفلا آخر قد تقاعس وتكاسل رغم كل ما أولاه أهله من اهتمام فهو لم يجد من يعزز فيه روح المثابرة نظرا لقلة المحيط المثابر الذي يتعامل معه أو الذي يحثه على الأقل أن يكون مثابرا ومجتهدا وقد يفشل رغم نجاح أهله أو من أولاه العناية والرعاية فلم يكن باستطاعتهم أن يوصلوا له رسالتهم في الحياة فيصبحون قدوة له، وكذلك العكس قد تسبب القسوة نظيرتها القسوة والتقاعس لأن الفرد لم يجد المحيط الآخر الذي يدعمه، وينجح الشخص الذي أولاه أهله العناية لأنهم نجحوا في إيصال رسالتهم له وقد حظي بالعديد من المحيطات التي تزرع فيه القوة والتفاؤل والابداع والتميز.
نستنتج أننا نحتاج لخبرات الآخرين في الدعم وتشكل المحيطات حولنا دورا في دعمنا حتى لو كان أحدها غير صالح للدعم أو تقاعس عنه أو كانت ظروفه لا تساعده في دعم الفرد منذ الطفولة مرورا بمراحله الحياتية المختلفة، وهنا تكون التوصية في أن تبحثوا جميعا عن محيطات وعلاقات متعددة تدعم ثقتكم وتعزز طموحاتكم وتزيدكم تفاؤلا وتفرح لانجازاتكم وتفخر بها.